• ٢٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٢٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

طَرِيقُ الْتَّغْييرِ آلْمَرْجُو!/ ج5

نــزار حيدر

طَرِيقُ الْتَّغْييرِ آلْمَرْجُو!/ ج5

يتحقّق التغيير الحقيقي والإصلاح الجذري، الدستوري، إِذن، من تحت قبّة البرلمان، فإذا نجحنا في تغيير تركيبة مجلس النوّاب القادم فتلك هي الخطوة الأولى في الاتّجاه الصّحيح.

فما المقصود بذلك؟!.

قبل الإجابة ينبغي سرد الملاحظَتين المهمّتَين؛

الأولى؛ صحيح إنّ إنجاز مثل هذا التغيير صعبٌ وصعبٌ جداً، إلّا أنّهُ ليس بمستحيلٍ.

فعلى الرّغم من أنّ (العصابة الحاكمة) استحوذت على كلّ شيء، السُّلطة والمال والإعلام، فاشترت الرجال والأقلام والكثير من [النُّخب المزعومة] وحولّتهم إلى إِمّعات تكرّر حروف وعلامات الموافقة بكلّ الطّرق من دون أيّ تفكيرٍ أو تثبُّتٍ وانتباه، ولكن يبقى هناك في المجتمع الكثير جداً من الطّاقات المستقلّة القويّة والشّجاعة والمبدئيّة التي فشلت (العصابة الحاكمة) في شرائِها وشراء ولائها وتسخيرها لتحقيق أهدافها الشّخصيّة الأنانيّة والحزبيّة الضيّقة والعائليّة والمناطقيّة والعنصريّة والطائفيّة!.

هذه العناصر هي المعوَّل عليها في تحقيق التغيير المرجو والإصلاح المرتقب! ويظلم العراق والعراقيّين مَن يدّعي بعدم وجود مثل ذلك في المجتمع! أو إنّهُ مدفوعٌ من [العصابة] لإنزال اليأس في النُّفُوس وبالتالي الاستسلام بالواقع المرّ رغماً عن أنف الجميع!.

ثانياً؛ إنّ التغيير والإصلاح نتاج خطوات متراكمة في الاتّجاه الصّحيح، مهما كانت صغيرة أو بطيئة، وهو ما يُسمى بالمثابرة التي تحتاج إلى التّضحية والعزيمة والإصرار وكلّ ذلك مع وجود رؤية واضحة!.

وبالعودة إلى كلّ تجارب الشّعوب والأمم التي نجحت في بناء نظمها السّياسية الديمقراطيّة وبمختلف أشكالِها وألوانها، فسنجد أنّ التّغيير الذي أنتج حاضرها المتطوّر والحضاري والمدني اليوم لم يتحقّق فجأَةً أو بضربةِ حظٍّ مثلاً أو بعصا موسى السحريّة! أبداً وإنّما هو نتاج نجاحات مُتراكمة بسيطة وكبيرة شريطة أن تكون بالاتّجاه الصّحيح، فإنْ تتقدَّم خطوة بالاتّجاه الصّحيح تعقبها خطوتان أو ثلاثة بالاتّجاه المعاكِس مثلاً أو الخطأ أو إلى الوراء فذلك لن يُنتج تغييراً مرجوّاً أو إِصلاحاً مُرتقباً أَبداً.

 حتى قوانين الانتخابات المعمول بها اليوم في الدّول الدّيمقراطية، فهي لم تكن بهذا الشّكل الحضاري والمدني الرّاقي منذ البداية، أي منذ لحظة التّدوين، وإنّما مرّت بمراحل عدّة تطوّرت خلالها لتصل إلى ما هي عليه اليوم، عندما أخذ المشرّع بنظر الاعتبار تطوّر الظّروف والحاجة والنّجاحات والإخفاقات التي رافقت التّجارب الانتخابيّة بكلّ أمانة وشفّافيّة، لم يتعصّب خلالها لحزبٍ أو كتلةٍ أو شريحةٍ أو عشيرةٍ! وإنّما ظلّ متعصّباً فقط لمفهوم الدّولة ولقِيَم الدّيمقراطيّة التي كانت الملهِم الحقيقي لكلّ ما كان يفكّر بهِ ويسعى لتحقيقه، جيلاً بعد جيلٍ!.

 إذن؛ نحن الآن في ظلّ هذه التحدّيات الخطيرة جداً، ومع استئثار (العصابة الحاكمة) بكلّ شيء، بحاجةٍ إلى شرطَين أساسيَّين لإنجاز التغيير والإصلاح، ألا وهما أن نثق بقدرتِنا على ذلك فلا نكرّر بعد الآن العبارة القاتلة والمدمّرة [ميفيد] وأن نُثابر متحلّينَ بالصّبر! فلا نستسلم أو نتراجع أو نيأس أَبداً.

نعودُ للإجابةِ على السّؤال الذي صدّرنا به المقال؛

ماذا نقصد بالدّعوة إلى تغيير تركيبة مجلس النوّاب الحاليّة؟!.

 كلّنا نعرف جيداً أنّ مشكلة مجلس النوّاب منذ أوّل دورةٍ ولحدِّ الآن تتلخّص فيما يلي؛

١/ سيطرة عدد من زُعماء الكُتل والذين لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليدَين على كلّ شيء.

  صحيح أنّ عدد النوّاب يفوق الـ (٣٠٠) نائباً إلّا أنّهم لا يمتلكون حولاً ولا قوةً أمام زعماء كُتلهم وأحزابهم، أنّهم كالكومبارس في المشهد التمثيلي، السّياسي هنا!.

 إنّ زُعماء الكتل يتعاملون معهم كراعٍ يَهُشُّ على غنمهِ في حضيرةِ الحيوانات أو في المرعى!.

 فكيف نغيّر هذه المعادلة؟ كيف يمكننا أن نلغي سيطرة هذه الزُّمرة الصغيرة على هذا التكتّل الكبير من النوّاب والذي كما أسلفنا يتجاوز الـ (٣٠٠) نائب؟!.

 كيف يمكن أن نجعل قبضتهم تسترخي ليفكّر النوّاب بحرّيّة أكبر؟! كيف يمكنُنا أن نشتّت شملهم ونفكك قبضتهم الحديديّة؟!. 

ارسال التعليق

Top